رحبعام، الملك الذي كان عنيدًا ووقحًا
(1 مل 12: 21-24، 14: 21-31، 2 أخ 11-22)
رحبعام، الملك الذي كان عنيدًا ووقحًا كان رحبعام بن سليمان ونعمة العمونية يبلغ 41 سنة عندما خلف أبيه، وملك لمدة 17 سنة. لقد سار على نهج أبيه في حياة الترف وفي امتلاك عدد كبير من الحريم، لأنه قيل انه كان عنده 18 زوجة و 60 سرية. خلال السنوات الثلاثة الأوائل من حكمه، سار الملك والشعب في طرق داود وسليمان، ولكن خلال الـ 14 سنة الباقية، تنجست الأرض بشر سدوم ووثنيتها. يقول يوسيفوس، المؤرخ اليهودي: « إن الملك رحبعام كان رجلاً متكبرًا وأحمق، وانه احتقر عبادة الله حتى أن الناس صاروا يقلِّدون أعماله الشريرة ». تابعونا على الفيسبوك: كان القسم الشمالي من المملكة، الذي كان يئن تحت عبء الضرائب الباهظة التي فرضها سليمان عليهم، يطلبون أن يلتقطوا أنفاسهم في عهد ابنه، ولكن عناد ووقاحة رحبعام، جعلته بكل أسف يرفض هذا الالتماس العادل، وبذلك أضاع وحدة العرش لإسرائيل قديمًا، ولم يُترك له سوى سبطين ليملك عليهما. ولو كان رحبعام اتبع حكمة أبيه، كما خلفه في عرشه، لكان اتبع نصيحة الشيوخ الأكثر حكمة، وكان بذلك أنقذ المملكة من ذلك التقسيم المروع، يعبر (تنسيون) في قصيدته « الملك الذي يحارب شعبه يحارب نفسه » وفي قرار رحبعام الخطير، فإنه وقف ضد أفضل مصالحه كما وقف ضد شعبه وكان المفروض أن يكون قد استفاد من أمثال أبيه مثل: « مخافة الرب رأس المعرفة، أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب » (1: 7). « الكلام الموجع يهيج السخط » (15: 1). وعندما انتهى الأمر إلى تمزيق المملكة، فإن رحبعام الذي ظن أن في مقدوره التعامل مع العشرة أسباط الذين يسعون للإطاحة به، أرسل أدورام، القائم على التسخير، لإخضاع أولائك الذين استاءوا من وقاحة رحبعام، إلا أن أدورام رُجم حتى الموت، ولما أدرك رحبعام لأول مرة خطورة الثورة، هرب الى اورشليم للسيطرة على المملكة المنهارة. من المناسب هنا، أن نتذكر السطور التي كتبها دانيال ديفو في « الرجل الإنجليزي الأصيل »: عندما يتخلى الملوك عن سيف العدالة، فأنهم لا يصبحون ملوكًا مع أنهم يمتلكون التاج والألقاب ما هي الا ظلال، والتيجان أشياء تافهة صالح الرعية هو هدف الملوك أعد رحبعام جيشًا قوامه 120,000 رجل ليشنوا حربًا ضد الأسباط العشرة الثائرة، ولكن المعركة التي خطط لها، تم ايقافها على يد شمعيا النبي على أساس أنهم لا يصح أن يحاربوا إخوتهم، وإن الثورة هي من الله، ومع ذلك فإننا نقرأ عن استمرار الحروب بين رحبعام ويربعام (1 مل 14: 30). ثم شغل رحبعام نفسه بتقوية الأراضي التي تُركت له وذلك بتحصين عدد من المدن، ولكن عندما يبتعد الناس عن الله، فإن المدن الحصينة لا تصلح لشيء. وفي السنة الخامسة من حكمه، عوقب رحبعام لتعاطفه مع الرجاسات الوثنية والأخلاقية. نهب شيشق ملك مصر قصر رحبعام والهيكل، وأخذ خزائنه بما فيها من أتراس الذهب التي عمل الملك رحبعام عوضًا عنها أتراس نحاس، مات رحبعام عن عمر يناهز الـ 58 عامًا ودُفن في أورشليم. « كان خطأ رحبعام هو نفس خطأ الطغاة، فقد ادّعى لنفسه امتيازات لم تكن يستحقها سوى عن طريق الخدمة، وسلطانًا لم يكن مستعدا أن يُقدم تضحية مناسبة في المقابل له ».